السبت، 11 ديسمبر 2021

النبي أيوب عليه السلام


جاء ذكر النبي أيوب في القران المجيد أربع مرات في الأيات :-

  1. فجاء ذكره القرآني مع باقة من أسماء الأنبياء العشر الموحى اليهم من بعد نوح عليه السلام " إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً [النساء : 163]

  2. وفي آية قرآنية أخرى ذكر القران نسب أيوب الى جده إبراهيم عليهما السلام فقال :"  وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [الأنعام : 84]

  3. وفي آية ثالثة ذكر القرآن نداء أيوب لربة قائلا " وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء : 83]

  4. أما في الرابعة فكان تذكير الله تعالى لنبيه ومن اتبعه بقصة أيوب كمثل ودرس وعبره يعلمهم الصبر والادب في كيفية الدعاء فقال " وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ [صـ : 41]

  5. وفي الأيات ص 42 و جاء ذكر وحي الله تعالى لأيوب أن " ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ [صـ : 42] فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء : 84]

قبلَ أكثرَ من 2500 سنة عاشَ في أرضِ حُوران رجلٌ من ذرّية سيّدنا يوسف عليه السّلام، إنّه سيّدُنا أيّوب عليه السّلا م, يرجع نسب أيوب عليه السلام حسب ابن إسحاق إلى الروم، هو أيوب بن موص بن رغويل بن العيص بن إسحاق بن يعقوب، وقيل غير ذلك في نسبه. وقيل أن أمه بنت لوط، وقيل: كان أبوه ممن آمن بإبراهيم عليه السلام والمشهور في القران أنه من ذرية إبراهيم عليه السلام  لقول الله تعالى:

Ra bracket.png وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ Aya-84.png La bracket.png.

بحسب المعتقد الإسلامي فانه نبي ورسول بعثه الله للأدوميين، وبحسب ما ترويه الإسرائيليات أن اسمه (يوباب) بن زراح بن رعوئيل بن روم بن عيسو بن إسحاق بن إبراهيم، وهو أحد ملوك أدوم

قصة أيوب عليه السلام :
كان أيوب وزوجته الكريمة يعيشان في منطقة "حوران".. وقد أنعم الله على أيوب بنعم كثيرة فرزقه بنينًا وبنات، ورزقه أراضي كثيرة يزرعها فيخرج منها أطيب الثمار.... كما رزقه قطعان الماشية بأنواعها المختلفة.. آلاف من رءوس الأبقار، آلاف رءوس من الأغنام، آلاف من رءوس الماعز وأخرى من الجمال. وفوق ذلك كله أعلى الله مكانته واختاره للنبوة. وكان أيوب ملاذًا وملجا للناس جميعًا وبيته قبلة للفقراء لما علموا عنه كونه يجود بما لديه ولا يمنعهم من ماله شيئا ولا يطيق أن يرى فقيرًا بائسًا، وبلغ من كرمه أنه لا يتناول طعامًا حتى يكون لديه ضيفًا فقيرًا. هكذا عاش أيوب.. يتفقد العمل في الحقول والمزارع، ويباشر على الغلمان والعبيد والعمال، وزوجته تطحن وبناته يشاركن الأم.. وأبناء أيوب يحملون الطعام ويبحثون عن الفقراء والمحتاجين من أهل القرية، والخدم والعمال يعملون في المزارع والأراضي والحقول. و أيوب يشكر الله.. ويدعو الناس إلى كل خير وينهاهم عن كل شر. أحب الناسُ أيوب.. لأنه مؤمن بالله يشكر الله على نعمه.. ويساعد الناس جميعاً.. ولم يتكبر بسبب ما لديه من مزارع وحقول وماشية وأولاد.. كان يمكنه أن يعيش في راحة، ولكنه كان يعمل بيده، وزوجته هي الأخرى كانت تعمل في بيتها..


الشيطنة والحسد :-

يُقال :- أتاه الله سبعة من البنين و مثلهم من البنات و إتاهة الله المال و الأصحاب ,وراح الشيطان يوسوس للناس يقول لهم: إن أيوب يعبد الله لأنه أعطاه هذا الخير العميم والفضل الكثير من البنين والبنات والأموال من قطعان الماشية والأراضي الخصبة.. فأيوب يعبد الله لذلك وخوفا على أمواله. ولو كان فقيرًا ما عبد الله ولا سجد له..

ووجد الشيطان من يسمع له ويصغى لما يقول من وساوس.. فتغيرّت نظرتهم إلى أيوب وأصبحوا يقولون: " إن أيوب لو تعرض لأدنى مصيبة لترك ما هو فيه من الطاعة والإنفاق في سبيل الله.. ألا ترون كثرة أولاده وكثرة أمواله وكثرة أراضيه المثمرة، فلو نزع الله منه هذه الأشياء لترك عبادة الله بل سينسى الله.. ورويدًا رويدًا..

تحول أهل حوران إلى ناقمين على أيوب بعدما كانوا يحبونه حبا جما... وأصبحوا يرون أيوب من بعيد فيتحدثون عنه بصورة مؤذية. 

الابتلاء والامتحان :- 

فشاء الله تعالى أن يمتحن نبيه ويُكذب الناس ويخزي شيطانهم فابتلى عبدة ...  نزلت الصواعق من السماء على أحد الحقول التابعة لما يملكه أيوب.. وجاء أحد الفلاحين.. كانت ثيابه محترقة وحاله يُرثى له.. هتف أيوب :
 ـ ماذا حصل؟! ـ النار! يا نبي الله النار!! ـ ماذا حدث؟ ـ احترق كل شيء.. لقد نزل البلاء.. الصواعق أحرقت الحقول والمزارع.. أصبحت أرضنا رمادًا يا نبي الله.. كل رفاقي ماتوا احترقوا. قالت زوجة أيوب : ـ 
ما هذه المصائب المتتالية؟! ـ اصبري يا امرأة.. هذه مشيئة الله. ـ مشيئة الله!! أجل.. لقد حان وقت الامتحان.. ما من نبي إلاّ وامتحن الله قلبه. نظر أيوب إلى السماء وقال بضراعة: 
ـ الهي امنحني الصبر. في ذلك اليوم أمر أيوب الخدم والعبيد بمغادرة منزله.. والرجوع إلى أهاليهم والبحث عن عمل آخر. وفى اليوم التالي حدثت مصيبة تتكسر أمامها قلوب الرجال.. لقد مات جميع أولاده البنين والبنات، حيث اجتمعوا في دار لهم لتناول الطعام فسقطت عليهم الدار فماتوا جميعا.. 
وازدادت محنة أيوب أكثر وأكثر.. فلقد اُبتلى في صحته.. وانتشرت الدمامل في جسمه.. وتحول من الرجل الحسن الصورة والهيئة إلى رجل يفر منه الجميع. ولم يبق معه سوى زوجته الطيّبة.. أصبح منزله خالياً لا مال له، لا ولد، ولا صحة.. عَلَّمَ أيوبُ زوجته أن هذه مشيئة الله، وعلينا أن نسلّم لأمره.. 
حاول الشيطان اللعين أن ينال من قلب أيوب، فأخذ يوسوس إليه من كل جانب قائلا: ماذا فعلت يا أيوب حتى يموت أولادك وتصاب في أموالك، ثم تصاب في صحتك. فاستعاذ أيوب بالله من الشيطان الرجيم.. وتفل على الشيطان الرجيم ففر من أمامه. وكذلك فعلت زوجته وطردت وساوس الشيطان. وكان أيوب لا يزداد مع زيادة البلاء إلا صبرًا وطمأنينة.

ضاقت الحال بأيوب وزوجته حتى انهما لم يجدا طعام يومهما  وتحت ضغط الحاجة والفقر، اضطرت أن تقص ضفيرتيها لتبيعهما مقابل رغيفين من الخبز. ثم عادت إلى زوجها وقدّمت له رغيف الخبز وعندما رأى أيوب ما فعلت زوجته بنفسها شعر بالغضب.. 

ضريح النبي أيوب في صلالة بالأمارات العربية

 وحلف أن يضربها على ذلك مائة ضربة، ولم يأكل رغيفه.. كان غاضباً من تصرّفها.. ما كان ينبغي لها أن تفعل ذلك.

وفي يوم تمكن الشيطان من قلب امرأته وقيل ان اسمها " ناعسه" فقالت لأيوب : ألا تدعو الله يا نبي الله فيشفيك ؟ فقال : وكم لبثت في البلاء ؟ قالت : 80 سنة

قال: اني استحي من الله أن أدعوه لشفائي لأني ما مكثت في بلائي المدة التي لبثتها في رخائي !

غضبت زوجته و قالت  :- الى متى هذا البلاء فغضب و أقسم أن يضربها 100 سوط إن شافاه الله متسائلا :-  كيف تعترضين على قضاء الله ؟!

 

 عن أنس بن مالك، أن النبي قال: "إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له، كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه: تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين، قال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه ربه فيكشف ما به، فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له، فقال أيوب: لا أدري ما تقول؟ غير أن الله يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان، فيذكران الله فأرجع إلي بيتي فأكفر عنهما، كراهية أن يذكر الله إلا في حق".

 

خاف الناس أن تنقل لهم زوجة أيوب عدوى زوجها فلم تعد تجد من تعمل لديه  فكانت تقوم بقص خصلات  من شعرها وتبعها لتقتات بثمنها الى أن شاء الله , وأصاب المرض لسان أيوب وفمه وهو الذي يذكر به الله ويحمده و يسبحة وهنا فقط ادرك أيوب انه إصابة البلاء , البلاء ليس في مرض الجسد بل في امتناع اللسان عن الحمد والتسبيح, وهنا دعا أيوب ربه قائلا " ربي اني مسني الضر و انت أرحم الراحمين " ولم يقل ربي أشفني بل ذكر ابتلاءه فقط وكأنه الان وليس منذ 18 عاما . الان مسني البلاء فلساني سيعجز عن ذكرك وتسبيحك ربي ...." إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"
 وهنا.. أضاء المكان بنور شفاف جميل وامتلأ الفضاء برائحة طيّبة، ورأى أيوب ملاكاً يهبط من السماء يسلم عليه ويقول: نعم العبد أنت يا أيوب.. إن الله يقرئك السلام ويقول: لقد أُجيبت دعوتك وأن الله يعطيك أجر الصابرين.. قال تعالى " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ "  اضرب برجلك الأرض يا أيوب.. واغتسل في النبع البارد واشرب منه تبرأ بإذن الله. قال تعالى " ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ"  غاب الملاك، وشعر أيوب بالنور يضيء في قلبه فضرب بقدمه الأرض، فانبثق نبع بارد عذب المذاق.. ارتوى أيوب من الماء الطاهر وتدفقت دماء العافية في وجهه، وغادره الضعف تماماً. خلع أيوبُ ثوب المرض والضعف وارتدى ثياباً تليق به، يملأها العافية والسؤدد.

وما أن عادت زوجته فلم تعرفه فقالت متسائلة هل رأيت المريض الذي كان هنا ؟  فوالله ما رأيت رجلا أشبه به إلا انت عندما كان معافى ؟

فقال أيوب : أما عرفتني !

مقام النبي ايوب في السلط - الاردن

فقالت من انت؟

قال أنا هو أيوب !


قال تعالى :- " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ "  و "  فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ " وأمر أيوب عليه السلام أن تغتسل في النبع، لكي تعود إليها نضارتها وشبابها. فاغتسلت في مياه النبع فألبسها الله ثوب الشباب والعافية.. ورزقهما الله بنينا وبنات من جديد.

قال تعالى ".وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ"

 ووفاء بنذر أيوب أن يضرب زوجته مائة ضربة أمره الله أن يأخذ ضغثا وهو ملء اليد من حشيش البهائم، ثم يضربها به فيوفى يمينه ولا يؤلمها، لأنها امرأة صالحة لا تستحق إلا الخير. كان أيوب واحدًا من عباد الله الشاكرين في الرخاء، الصابرين في البلاء، الأوَّابين إلى الله في كل حال. وعَرِفَ الناسُ جميعًا قصةَ أيوب وأيقنوا أن المرض والصحة من الله وأن الفقر والثراء من الله.. َ ((فأقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) سورة الأعراف آية 176

 أنه وبعد كشف الضر عن أيوب عليه السلام  أعاد له  الله تعالى ضعفي العدد من أولاده " وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ ..." وشيئاً فشيئاً.. ازدهرت الأرض من حوله وأينعت. عادت الصحة والعافية.. عاد المال.. ودبت الحياة من جديد. وتلك نموذجا من نماذج الرحمة الربانية بعباده الصالحين " رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء : 84]

 

لم يكرمه الله هو فقط بل أكرم زوجته أيضا التي صبرت معه اثناء هذا الابتلاء ويقال ان اسمها "ليا" ويقول البعض "ناعسه"! التي أعادها الله شابة , و ولدت لأيوب عليه السلام ستة و عشرون ولد و بنت و يقال ستة وعشرون ولد من غير الإناث يقول سبحانه : " واتيناه أهله و مثلهم معهم"

وفاة ومقامات أيوب عليه السلام :-

قيل إنه لما توفي كان عمره ثلاثًا وتسعين سنة، وقيل أكثر من ذلك.‏ و "قبر النبي أيوب" أو "ضريح النبي أيوب" منه الكثير كما في جنوب سلطنة عمان خارج "صلالة"، وقبر آخر عند الدروز في لبنان في منطقة جبل الشوف. بخلاف وجود أكثر من مقام في سوريا ودمشق وغيره

أيوب النبي في المسيحية



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق