الاثنين، 29 نوفمبر 2021

الفرق بين النبي عيسى وأخيه محمد

 عطية مرجان ابوزر

 كانت البيئة العربية التي تنزل فيها القرآن ( بلاد الحجاز) و التي بعث فيها محمد نبيا تختلف عن البيئة التي بعث فيها عيسى ( فلسطين ) عليهما السلام, فالأولى قاسية بصحرائها وفوضوية الأعراب فيها فلزم لها تشريعات وحدود خاصة كمنع وتحجيم روح القتال والانتقام الذي كاد النبي ذاته أن يقع فيه لما تبقى في صدره بعضا من حمية قومه سكان الصحراء , وقد روى عنه أنه لما رأى حمزة وقد مُثل به قال ( والله لئن أظفرني الله بهم لأُمثلن بسبعين مكانك - رواه الإمام البيضاوي في تفسير سبب نزول الآية 126 من سورة النحل - حتى نزلت الآية ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ [النحل : 126] أو كما روي في سبب نزول الآية " ...وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء : 34] فقيل أن سعد بن الربيع ( من الأنصار) نشزت عليه امرأته - عصت - حبيبة بنت زيد فلطمها فانطلق بها أبيها إلى النبي فشكا فقال النبي - لتقتص منه - فنزلت الآية الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ...[النساء : 34] فقال النبي ( أردنا أمرا وأراد الله أمرا والذي أراد الله خيرا) ونذكر هنا اعتراضا على الذين يصفون الأئمة بالمعصومين بأنه لا عصمة لمخلوق لان الكمال لله ولم يكتمل مخلوق وإن كان نبيا لان الكمال لا يناله إلا رب الناس فكفى افتراء على الأنبياء والأئمة .قال صلوات الله عليه ( أوصاني ربي بتسع أوصيكم بها : أوصاني بالإخلاص في السر والعلانية, والعدل في الرضي والغضب, والقصد في الغنى والفقر, وأن أعفو عمن ظلمني, وأعطي من حرمني , وأصل من قطعني وول له الآخر...ومن سخرك ميلا فامش معه اثنين ومن طلب مالك فلا تمنعه " وعليه نعود فنقول إنه الإسلام الإنجيلي الذي صدقه الإسلام القرآني لا خلاأن يكون صمتي فكرا ونطقي ذكرا ونظري عبرا) وهذا الكلام موازي لقول أخيه عيسى من قبله ( أقول لكم لا تقاموا الشرير, بل من لطمك على خدك الأيمن فحف في جوهرهما ولا مغايرة إلا فيما اقتضته ضرورات اختلاف البيئة والظرف المكاني وألزماني .


كانت شريعة محمد (ص) لجاهلية العرب ذات التشريعات التي شرعها موسى عليه السلام لجاهلية اليهود وكلا الشريعتين كانتا من ذات المصدر ( الله سبحانه وتعالى) فكلا الشعبين اللذين عاشا في الصحراء العربية كانوا بلا شريعة تنظم حياتهم الاجتماعية وعلى ذلك نضرب بعض أمثلة  :-


عدم جواز الجمع بين الأختين : كانت هذه المخالفة الشرعية واقعة في عهد الجاهلية بكثرة , رغم أنها كانت محرمة عند اليهود كتشريع توراتي , وبقيت أذيالها مستمرة عند بعض المسلمين وحتى عهد عمر بن الخطاب, وقد جاء في كتاب الواقدي صفحة 149 مثالا على ذلك إذ قال عن عمرو بن مالك العبسي ( كنت مع عمر بن الخطاب حين سار إلى الشام فمر على ماء - بئر - لجذام - قبيلة عربية مسلمة - عليه طائفة منهم نزول , والماء يدعى ذات المنازل , فنزل عمر بالمسلمين عليه , فبينما هو كذلك وأصحاب رسول الله حوله أقبل إليه قوم من جذام فقالوا : يا أمير المؤمنين إن عندنا رجلا له امرأتان وهما أختان لأب وأم , فغضب عمر وقال : علّي به , فأُتى بالرجل إليه , فقال عمر: ما هاتان المرأتان ؟ قال الرجل : زوجتاي, قال: فهل بينهما قرابة ؟ قال : نعم, هما أختان , قال عمر: فما دينك ألست مسلما ؟ قال : بلى, قال عمر: وما علمت أن هذا حرام عليك والله يقول في كتابه "أن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" فقال الرجل : ما علمت , وما هما علي بحرام , فغضب عمر وقال : كذبت والله إنه لحرام عليك ولتخلين سبيل إحداهما وإلا ضربت عنقك . قال : أو تحكم علّي ؟ قال : أي والله الذي لا إله إلا هو . فقال الرجل: إن هذا دين ما أصابنا فيه خيرا, وقد كنت غنيا أن أدخل فيه . قال عمر : أدن مني . فدنا منه , فخفق رأسه بالدرة خفقتين وقال له : تتشاءم بالإسلام يا عدو الله وعدو نفسه وهو الدين الذي ارتضاه الله لملائكته ورسله وخيرته من خلقه ؟ خل سبيل إحداهما وإلا جلدتك جلدة المفتري, فقال الرجل : كيف أصنع بهما وإني أحبهما , ولكن أقترع بينهما فمن خرجت القرعة عليها كنت لها وهي لي , ... فأقبل عليه عمر وقال : اسمع يا ذا الرجل وع ما أقول لك , إنه من دخل في ديننا ثم رجع عنه قتلناه , فإياك أن تفارق الإسلام وإياك أن يبلغني أنك قد أصبت أخت امرأتك التي فارقتها فانك إن فعلت ذلك رجمتك )


وسار عمر حتى إذا كان بوادي القرى أخبروه أن شيخا على الماء وله صديق شاب يوده, فقال صديقه: هل لك أن تجعل لي في زوجتك نصيبا وأكفيك رعيك إبلك والقيام ولي في زوجتك يوم وليله و لك فيها يوم وليلة؟ قال الشيخ : قد فعلت ذلك ورضي! فأمر عمر بهما فأُحضرا إليه, فقال : يا ويلكما ما دينكما ؟ قالا الإسلام. قال عمر: فما الذي بلغني عنكما؟ قالا : وما هو ؟ فأخبرهما عمر بما سمعه من العرب, قال الشيخ : قد كان ذلك يا أمير المؤمنين ! فقال عمر : أما علمتما أن ذلك حرام في دين الإسلام؟ قالا: لا والله ما علمنا ذلك ! فقال عمر للشيخ: وما دعاك أن فعلت هذا القبيح؟ فأخبره الشيخ بقصته... مضيفا: والآن علمت إنه حرام فلا أفعله فقال عمر : خذ بيد امرأتك فلا سبيل لي عليها ( إي أنها غير زانية) ثم قال للشاب : إياك أن تقرب منها فإنه إن بلغني ذلك ضربت عنقك .

    1. سيرة النبي عيسى عليه السلام
    2. عيسى عليه السلام ما بين القرآن والإنجيل
    3. الفرق بين النبي عيسى وأخيه محمد
    4. التمائل بين آدم وعيسى عليهما السلام
    5. الإعجاز القرآني في ميلاد عيسى
    6. القرآن الكريم و قصة صلب السيد المسيح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق