الاثنين، 29 نوفمبر 2021

الإعجاز القرآني في ميلاد عيسى

 عطية مرجان ابوزر

ورد ذكر اسم عيسى في القرآن الكريم 25 مرة بنفس العدد الذي ذكر به اسم آدم عليه السلام تصديقا لقوله تعالى "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ [آل عمران : 59] للتشابه في خلق كلاهما من خارج الناموس الطبيعي للخلق أي من دون زوجين " وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الذاريات : 49]                       

اسم عيسى عليه السلام هو اسم من الله تعالى ولم تسميه والدته كمثل آدم و يحيى الذي أسماهما الله تعالى من عنده فكان هؤلاء الثلاثة من البشر الذي سماهم الله بأسماء من عنده .  هو رسول كريم كان متمما لرسالة موسى من قبله " الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّه "  لم يكن يهوديا وليس له آباء يهود لا نسب له لليهود ولا غيرهم لعدمية الأبوة ) تكلم السريانية لا العبرية وقولهم فيه انه ابن داود افتراء, يقول داود نفسه نافيا الخبر في المزامير( قال الرب لربي : اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك ) لوقا 41:20 وداود هنا يدعو المسيح عيسى ربا فكيف يكون ابنه ؟!                         

جاءت رسالة محمد مصدقة لرسالات ما قبله , فكانت الرسالات واحدة المصدر والشريعة فعيسى أكمل رسالة موسى بدليل ما جاء في الكتاب المقدس - ملاخي 4:4 ( اذكروا شريعة موسى عبدي التي أمرته بها في حوريب على كل إسرائيل الفرائض والأحكام) ومحمد أكمل رسالة عيسى و" اليوم أكملت لكم دينكم " فكان بهذا خاتم النبيين 


ادعى النصارى في كتابهم المحرف أن عيسى عليه السلام ربا وابن رب , فكان لهم ثلاثة أرباب حاليين عند النصارى هم الرب الأب والرب الابن والروح القدس . و بمفهوم ثبوت ربوبية عيسى عند النصارى وجب عليهم تقديس أسرة الرب بكلها حيث يكون عمران جد الرب لامه , وهارون خال الرب , ومريم أم الرب - عائلة ربانيه والعياذ بالله من كل من أدعى الربانية غير الله الرب الحق الواحد.-

والسؤال للنصارى هنا : لو ترك اليهود عيسى يستقر دون صلبه وقتله كما يظنون وفيما لو تزوج عليه السلام  فكان له أبناء كثيرون كأبناء يعقوب مثلا فهل كان سيكون أبناءه أربابا  يتزوجون فينجبوا أربابا  أخر؟! فإذا تناسلت الأرباب من الرب عيسى فأي رب سيعبد المسيحيون من بعد تكاثر الأرباب ؟ فلو كان مليارات النصارى بالتناسل من عيسى الرب فمن سيعبد من ؟!

مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران :79

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران : 64]


 الإعجاز القرآني في ميلاد عيسى  :-

عيسى عليه السلام كان معجزة الله الكبرى في زمن تطلب الناس فيه المعجزات ليؤمنوا بربهم وكانت معجزة عيسى من بعد معجزة يحيى الصغرى وأصل المعجزتين معجزة أسبق علي معجزة إتيان الرزق لمريم عليها السماء مباشرة من عند ربها وقد سألها كفيلها زكريا " ...وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران : 37] هنا دعا زكريا ربه أن يرزقه ولدا وهو اليائس من الإنجاب الواثق من قدرة الرب " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء [آل عمران : 38] فكان له ما دعا به " فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ [آل عمران : 39] فكان يحيى عليه السلام معجزة من معجزات الله لزكريا وزوجه و لقوم زكريا ومريم في زمانهما حيث كان زكريا وزوجه كبيران في السن " قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً [مريم : 8] عقيمان " فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ [الذاريات : 29]

كان ميلاد يحيى تأهيلا نفسيا لمريم عليها السلام لئلا تفزع من حملها دون زوج فيما بعد حين شاء الله أن يكون لها ولدا هو عيسى عليه السلام.

و كان تأهيلا معنويا لقوم مريم لئلا يستهجنا حملها فيما بعد وقد رأوا كيف قدر الله تعالى للثيب زكريا وعجوزه أن يكون لهما ولدا في معجزة هي من خارج الناموس البشري الطبيعي .

ولد عيسى عليه السلام بكلمة " كن " من الله تعالى " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ [آل عمران : 59]


عيسى المعلم - المخلص والخلاص

وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ [البقرة : 41]


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً [النساء : 47]

الخلاص والمخلص : جاء المسيح عيسى عليه السلام بمظهر المخلص بالنسبة لشعبه ( الخلاص بمفهوم التعليم للشرائع التوراتية الموسوية وتفصيلها كما هي الحكمة بالنسبة لمحمد ( لا بالمعنى الذي يعتقد به النصارى بأنه افتداهم بنفسه على الصليب) , فكانت رسالته أخلاقية لشعب جاءته التوراة ( بنو إسرائيل) بالشرائع فتثبط بها دون تنفيذ لما فيها فعصى شرائعه وأرتكب الموبقات, قال تعالى  " وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ [المائدة : 46], فبدأ عيسى تعاليمه بمهاجمة الوقوف عند حدود الشرع والاكتفاء بالفرائض, قال عليه السلام " قد سمعتم أنه قيل للأولين ( لليهود): لا تقتل , فإن من قتل يستوجب الدينونة ( العقاب يوم الدين) أما أنا فأقول لكم : إن كل من غضب على أخيه يستوجب الدينونة , ومن قال لأخيه راقا يستوجب حكم المحفل , ومن قال يا أحمق يستوجب نار جهنم) كان هذا تعليما وتفصيل بيان لشريعة توراتية سابقة (لا تقتل ) وليس تشريع جديد , بل جاء بالحكم الجزائي لتشريع لم يأتي جزاءه في التوراة, عقاب القاتل هو القتل, ومما يؤيد ذلك قوله عليه السلام ( فإذا قدمت قربانك إلى المذبح وذكرت أن لأخيك عليك شيئا فدع قربانك هناك, وامض أولا فصالح أخاك وحينئذ ائت وقدم قربانك" ثم قال " قد سمعتم انه قيل للأولين ( في التوراة) لا تزني, أما أنا فأقول لكم : أن كل من نظر إلى امرأة يشتهيها فقد زنى بها في قلبه " وقوله " قد قيل من قبل من طلق امرأته فليدفع إليها كتاب طلاق آما أنا فأقول لكم : من طلق امرأته لا لعلة زنى فقد جعلها زانية " هكذا كان أداء عيسى الإنجيلي عليه السلام لذلك أطلق عليه الإنجيل اسم يسوع المعلم , وكان أتباعه المؤمنون به يُسمونهم بالتلاميذ "لم ينقض الناموس بل أكمله ( متى 5: 17) عليه يمكن القول ان العهد القديم الموسوي من التوراة كان مجموعة تشريعات أما العهد الجديد العيسوي الإنجيلي فهو عهد بيان الجزاء على عصيان الشرائع بأسلوب تعليمي وتفصيل بيان, " علم بسلطان وتكلم بقوة ( متى 7: 29)  وليس كما جاء به محمد الذي جاء بالتشريع وبيان الجزاء معا , رغم أنه شريعة محمد صلوات الله عليه  عددت الزوجات مثلا (كحاجة ماسة درج عليها قومه قبل دعوته ) فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ ورباع .." [النساء : 3] فقد شدد في التشريع " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ [النساء : 3] إلا أن المسيح قال لمن أتوه بزانية ليعاقبها فقال " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ! " (يوحنا ٨ : ٧) وقد تابع المسيح إعطاء القواعد الأخلاقية, حيث قال " قد سمعتم أيضا أنه قيل للأولين: لا تحنث , بل أوف للرب بأقسامك , أما أنا فأقول لكم : ولا تحلف برأسك لأنك لا تقدر أن تجعل منه شعره منه بيضاء أو سوداء .." وقال أيضا " العين العين والسن بالسين أما أنا فأقول لكم لا تقاموا الشرير, بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر..." ولم يعني عليه السلام الركون إلى الذل بقدر ما كان يقصد المسالمة وأخلاقية العفو وذلك ما صدقه القرآن من بعد في قوله " وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت : 34] وقوله " إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً [النساء : 149]

    1. سيرة النبي عيسى عليه السلام
    2. عيسى عليه السلام ما بين القرآن والإنجيل
    3. الفرق بين النبي عيسى وأخيه محمد
    4. التمائل بين آدم وعيسى عليهما السلام
    5. الإعجاز القرآني في ميلاد عيسى
    6. القرآن الكريم و قصة صلب السيد المسيح



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق