الجمعة، 10 ديسمبر 2021

سفينة نوح عبر التاريخ

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

سفينة نوح عبر التاريخ

بحث - عطية مرجان ابوزر
 

الحمد لله رب العالمين والصلاة على خاتم النبيين والسلام على الأنبياء جميعهم والمرسلين المُكرمين وبعد: جاءت قصة سفينة نوح والطوفان العظيم في التوراة و في القران وهو المصدق لما قبله فقد صدقت الآيات القرآنية ما جاء في التوراة على أنها سفينة صنعها نوح بوحي الله وأمره يحمل فيها من كل نوع من أنواع الحيوانات ذكراً وأنثى، ويحمل فيها أهل بيته ومن أمن به إلا من سبق عليهم القول ممن كابنه وامرأته، ويحمل فيها من آمن معه من قومه، ليهلك جميع من تبقى من المفسدين من قومه الذين كذبوا رسالته بطوفان عظيم. 

 أرسل الله نوحا لهداية بني قومه وإنذارهم غضب الله : "إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [نوح : 1] وبات فيهم مئات السنوات يدعوهم فعصاه بني قومه الى مل وغضب فأبلغ ربه " قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي " [نوح : 21] ثم دعا نوح ربه أن يفنيهم "وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً [نوح:26] فاستجاب له سبحانه "وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ [الصافات:75]" فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا"[المؤمنون:27] 

فكانت قصة الطوفان الأعظم وبدأت ببناء الفلك العظيم

 جاء وصف سفينة نوح في القرآن على أنها فلك و الفلك المشحون للتعبير عن حمولتها الكبيرة، والفلك في اللغة هو الشكل الوعائي الذي يعبر غالبا عن نوع خاص من السفن مثل شكل قوارب النجاة الذي لا يزال يسمى حتى الآن في بعض المناطق بـالفلوكة، والفلك في معاجم اللغة هو الشكل المستدير المرتفع عن الأرض، فبالرغم من كونها سفينة لم يذكرها القرآن بلفظ سفينة إلا مرة واحدة في سورة العنكبوت وكان التعبير الغالب والمفضل لها هو الفلك. 

خط ابحار سفينة نوح من مكة الى جبل الجودي

حجم السفينة :

 فضل القرآن الكريم لفظ الفُلك " عند ذكر السفينة إذ ذكر هذا اللفظ ثمان مرات غي القران ولفظ الفُلك مصطلح في اللغة يطلق  على السفينة الكبيرة وهو ما تحقق في حجم سفينة نوح إذ تبين أن طولها بلغ 550 قدمًا أي أكبر من أية سفينة خشبية السفينة الأمريكية " وايومنج " التي وصل طولها إلى 330 قدمًا فقط وهي من سفن القرن التاسع عشر .

شكل السفينة : 
 

 لم تعرف البشرية مثل سفينة نوح فقيل انها بلغت ثمانين ذراعا وقيل ألفا أو الفين وغير ذلك، وخشبها من الساج والصنوبر, وكان نوح يزرع الشجر بنفسه وقد طلى باطنه وظاهره بالقار، وجعل من ارتفاع السفينة ثلاثة طوابق، أولها جعله للحيوانات، وثانيها لنفسه وصحابته وكان أعلاها للطيور، وكان لها سقف. وقد أخطأ كتبة التوراة الحالية في وصفهم لشكل السفينة إذ نجدها مستطيلة الشكل وقد اطلقوا عليها اسم "تابوت نوح" والتابوت هو الصندوق وذليل كذبهم انه لو واجهت هذه السفينة أمواجًا عاتية لانفلقت عند مقدمتها المستوية وقد صحح القران هذا الخطأ فعبر عن هذه السفينة باسم الفلك مكررا تأكيده بثمان مرات باسم "الفلك" ولم يدكر لفظ سفينة سوى مرة واحدة { فَأَ نْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ} [ العنكبوت : 15 ] وذلك لإظهار جزئية شكل ذلك البناء ذات المقدمة شبه المدببة ولم تكرر كلمة سفينة في القرآن مرة أخرى الا في سورة الكهف حيث قصة موسى والخضر ولثلاث مرات { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ )

 أبعاد السفينة :

 بناء بسيط لكنه معجزة في زمنه و هندسته كونها صممت بإرادة الله القائل { وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } [ هود : 37 ] أي إن نوح نفّذ فقط الوحي الإلهي لصناعة السفينة و كان عجيباً إن نجد في أدبيات بعض الشعوب القديمة ( مثل أدبيات شعب الأزتك من الهنود الحمر) أن السفينة صُنعت بوحي من الله تحقيق قوله تعالى " بأعيننا و وحينا " وقد وجد المكتشفون للسفينة أبعاد بقاياها ذات ثوابت رياضية معجزة- وقد استخدم في صناعتها مواد تدعى (الباي والقاي )

 استواء السفينة :

 قال القران في دقة اللفظ أن السفينة استوت ولم يقل استقرت والاستواء لا ميل فيه , وارض الجودي حيث عثر على بقابا الفلك مستوية كما اثبتت الصور وكانت حالة الاستواء -وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ - قول دل على هدوء الرسو

"مراسي السفينة :

 ذكر الباحث الأمريكي" DAV 56E ID FASOLD " أن بعض القرى المجاورة لموقع الجودي في الجبال التركية بها عدد كبير من الصخور المستطيلة المنحوتة نحتًا بشريًّا وبكل منها فتحة علوية لإدخال الحبال وهي مماثلة – كما و تشير الأبحاث الجيولوجية واستنادا إلى دراسة المتحجرات وطبقات علم الأرض إن هناك دلائل على حدوث فيضان وتشير الدراسات الى ان طوفان حدث باتجاه تركيا وكانت قوته تعادل ما يقارب 200 مرة قوة شلالات نياجارا

كتالات ورسوم على جدار السفينة 

  ألواح ودسر السفينة :

 قال تعالى { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } [ القمر : 13 ] وهذا ما يؤكد أن المادة الأساسية لصنع السفينة كانت من الأشجار لكن القرآن الكريم تفرد بذكر هيئة أخشاب هذه الأشجار فقال الألواح منعا للاعتقاد بأن السفينة قد صنعت من تجميع جذوع الأشجار كما هو حادث في بعض السفن الخشبية القديمة فحدد القرآن قائلا { أَلْوَاحٍ } و من أهم ما اكتشف في موقع السفينة " المسامير " المعدنية كبيرة الحجم على هيئة " البرشام " والدسار في اللغة هو المسمار

موعد الإبحار وعلاماته :

أوحي ربنا تعالى  لنوح بأن علامة بدا الطوفان هو فوران التنور، وقيل قوران البركان أو فوران الماء على سطح الأرض ولما تحققت العلامة حمل نوح وصحابته في متن السفينة من كل دواب الأرض زوجين  لم تكن زوجة نوح مؤمنة به وكذلك احد ابناءه فلم يصعدا وكذلك كانت الأغلبية لم يؤمنوا به فلم يركبوا معه. وصعد المؤمنون.

رسم في لوحة تمثل الفيضان واستعدادات الناس
للصعود على السفينة والنجاة من الطوفان.

وانفجرت الأرض عيونا وهطلت السماء وارتفع الماء حاملا السفينة وهي تجري بهم في موج كالجبال وهلك الباقون ولم يبق الله على الأرض من الكافرين ديارا تحقيقا لدعوته ، فلما رست السفينة أرسل نوح الحمامة فمرغت رجليها في الطين وحملت إليه غصن زيتون، فلما رأى ذلك علم أن الماء قد انحسر،

 زمن الطوفان

تشير دراسة المتحجرات إلى حدوث سلسلة من الفيضانات بين عامي 4000 إلى 2000 قبل الميلاد في ما كانت تسمى سابقا بلاد ما بين النهرين والتي كانت تشمل الأرض التركية والعراق وأنه من المحتمل جدا أن يكون الطوفان قد نشأ من إحدى هذه الفيضانات وتركت أثار واضحة في كتابات وأساطير ومعتقدات هذه المنطقة في الشرق الأوسط

بقاء السفينة وموقعها إلى يوم القيامة

قال الله تعالى : وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15القمر) قرر القراّن الكريم بقاء السفينة وخلودها كأثر دال على الحدث واّية للعالمين وقد ثبت بالفعل وجود السفينة الى يومنا فوق جبل الجودي في جنوب تركيا تصديقا لما ورد القرانواستوت على الجودي ) [ هود :44]

 سفينة نوح في الديانة اليهودية والمسيحية :-

قصة الطوفان كما ترويها التوراة  - وردت هذه القصة في الإصحاحان من السادس إلى التاسع من سفر التكوين وتجري أحداثها على النحو التالي :

رَأَى اللهُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ قَدْ فَسَدَتْ، إِذْ كَانَ كُلُّ بَشَرٍ قَدْ أَفْسَدَ طَرِيقَهُ عَلَى الأَرْضِ. فَقَالَ اللهُ لِنُوحٍ: «نِهَايَةُ كُلِّ بَشَرٍ قَدْ أَتَتْ أَمَامِي، لأَنَّ الأَرْضَ امْتَلأَتْ ظُلْمًا مِنْهُمْ. فَهَا أَنَا مُهْلِكُهُمْ مَعَ الأَرْضِ. اِصْنَعْ لِنَفْسِكَ فُلْكًا مِنْ خَشَبِ جُفْرٍ. تَجْعَلُ الْفُلْكَ مَسَاكِنَ، وَتَطْلِيهِ مِنْ دَاخِل وَمِنْ خَارِجٍ بِالْقَارِ. وَهكَذَا تَصْنَعُهُ: ثَلاَثَ مِئَةِ ذِرَاعٍ يَكُونُ طُولُ الْفُلْكِ، وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا عَرْضُهُ، وَثَلاَثِينَ ذِرَاعًا ارْتِفَاعُهُ. وَتَصْنَعُ كَوًّا لِلْفُلْكِ، وَتُكَمِّلُهُ إِلَى حَدِّ ذِرَاعٍ مِنْ فَوْقُ. وَتَضَعُ بَابَ الْفُلْكِ فِي جَانِبِهِ. مَسَاكِنَ سُفْلِيَّةً وَمُتَوَسِّطَةً وَعُلْوِيَّةً تَجْعَلُهُ. فَهَا أَنَا آتٍ بِطُوفَانِ الْمَاءِ عَلَى الأَرْضِ لأُهْلِكَ كُلَّ جَسَدٍ فِيهِ رُوحُ حَيَاةٍ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. كُلُّ مَا فِي الأَرْضِ يَمُوتُ. وَلكِنْ أُقِيمُ عَهْدِي مَعَكَ، فَتَدْخُلُ الْفُلْكَ أَنْتَ وَبَنُوكَ وَمِنْ كُلِّ حَيٍّ مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ، اثْنَيْنِ مِنْ كُلّ تُدْخِلُ إِلَى الْفُلْكِ لاسْتِبْقَائِهَا مَعَكَ. تَكُونُ ذَكَرًا وَأُنْثَى. مِنَ الطُّيُورِ كَأَجْنَاسِهَا، وَمِنَ الْبَهَائِمِ كَأَجْنَاسِهَا، وَمِنْ كُلِّ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. اثْنَيْنِ مِنْ كُلّ تُدْخِلُ إِلَيْكَ لاسْتِبْقَائِهَا. وَأَنْتَ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ كُلِّ طَعَامٍ يُؤْكَلُ وَاجْمَعْهُ عِنْدَكَ، فَيَكُونَ لَكَ وَلَهَا طَعَامًا». فَفَعَلَ نُوحٌ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَهُ بِهِ اللهُ. هكَذَا فَعَلَ

وفي الإصحاح التالي يكرر الرب أوامره كما يأمر نوح أن يدخل الفلك ومن معه ذلك لأن الرب قرر أن يغرق الأرض ومن عليها بعد سبعة أيام ذلك عن طريق مطر يسقط على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة، ويصدع نوح بأمر ربه فيأوي إلى السفينة ومن معه وأهله، ثم انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء، واستمر الطوفان أربعين يوماً على الأرض. وتكاثرت المياه وارتفع الفلك عن الأرض وتغطت المياه، ومات كل جد كان يدب على الأرض، من الناس، والطيور والبهائم والوحوش وبقي نوح والذين معه في الفلك حتى استقر على جبل ارارات.  

  ويتكرر في العهد الجديد الفكرة القديمة بأن بناء السفينة استغرق 120 عاما كان نوح أثناءها يحاول إقناع الناس باتباع ما أمر به الله.

 في القرون الوسطى بدأ المسيحيون في كتاباتهم بالاقتناع بالتوزيع العرقي للأجناس البشرية الذي ورد ذكره في سفر التكوين وأضافوا إليه توزيعا طبقيا جديدا فكان الاعتقاد السائد أن رجال الدين والقديسين ينحدرون من سلالة سام والفرسان ينحدرون من سلالة يافث والفقراء ينحدرون من سلالة حام.

وحسب التوراة فإن الخالق قرر أن يمسح بني البشر من الوجود باستثناء الصالحين بسبب كثرة المعاصي والذنوب التي كانت ترتكب فنزلت الأمطار لمدة 40 يوما وليلة وغطت المياه الأرض لمدة 150 يوما واستقرت السفينة على الجودي.

كان التيار المقتنع بحرفية ما ورد في الكتب السماوية عن سفينة نوح مولعا من القدم بالبحث عن السفينة وهذا الولع كان واضحا لدى بعض البروتستانت المسيحيين منذ أواخر القرن التاسع عشر الذين كانوا أكثر شغفا في إثبات حرفية القصة المذكورة في التوراة. فزعم بعضهم العثور عليها في تركيا (جبل أرارات (بالتركية:AĞRI DAĞI، بالأرمنية:ԱՐԱՐԱՏ) هو أعلى قمة جبلية (5165 م)

بتركيا) أو أرمينيا. كما ادعى باحثون إسلاميون تحديد موقعها في اليمن أو العراق (جبل الجودي ناحية الموصل) . في القرن الواحد والعشرين استمر الولع القديم بموقع سفينة نوح وخاصة بعد انتشار صور تم التقاطها عبر الأقمار الاصطناعية لنتوء في قمة جبل آرارات حيث بدأ الولع القديم يأخذ منعطفا جديدا بعد تعهد رجل اعمال ثري اسمه دانيال مك كيفرن DANIEL MCGIVERNعن منحة مقدارها 900,000 دولار لأي فريق علمي على استعداد للبحث عن السفينة،

وفي الثمانينيات قام رائد الفضاء السابق JAMES IRWIN جيمس أيرون بحملة جديدة لكنه لم يعثر على شيء. وفي 17 يونيو 2004 زعمت إحدى البعثات إنهم اكتشفوا السفينة وقدمت المجموعة صورا ومخططات عن بعثتهم إلا أن نتائج هذه البعثة لا تزال مرفوضة من قبل المجتمع العلمي.

    1.  سيرة نوح عليه السلام 
    2. قوم النبي نوح عليه السلام
    3. اعجوبة الزمن سفينة نوح والطوفان
    4. سفينة نوح عبر التاريخ
    5. ذرية ابو البشرية الثاني في العالم

    6. لماذا كان النبي نوح رمزا للعنصرية
    7. اعجاز القران في بيان عمر نوح عليه السلام

    8. متى توفي سيدنا نوح
    9. الايات التي ذكرت اسم نوح عليه السلام في القران

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق