الجمعة، 10 ديسمبر 2021

قصة هروب موسى بعد قتل المصري

  


عطية مرجان أبوزر

مرّ موسى ذات يوم في طُرُق المدينة في وقت خلت فيه الطرقات من الناس -ولعل الأمر كان ليلاً- فوجد رجلين يقتتلان، أحدهما إسرائيلي والآخر مصري. فالفرعوني أراد أن يسخِّر الإِسرائيلي في عمل، فأبى عليه الإِسرائيلي.

 ولما رأى الإِسرائيلي موسى استغاث به، فجاء موسى -فأخذ بجمع يده فوكز الفرعوني وكزة فلما رآه قتيلاً بين يديه- ولم يكن يريد قتله- قال: {هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين} وأصبح موسى في المدينة خائفاً يترقب، يمرّ في طرقاتها على حذر. وبينما هو في طريقه إذا الذي استنصر بالأمس يستصرخه مرة ثانية، فأقبل عليه موسى وقال له: {إنك لَغَوي مبين} أي: صاحب فتن ورجل مخاصمات، ومع ذلك أخذته حماسة الانتصار للإِسرائيلي، فأراد أن يبطش بالذي هو عدوّ لهما، لكنّ الإِسرائيلي ظن أنه يريد أن يبطش به " فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ( القصص،19) 
فالتقط الناس كلمة الإِسرائيلي وعرفوا منها أن موسى هو الذي قتل الفرعوني بالأمس. وشاع الخبر ووصل إلى القصر الفرعوني. فتذاكر آل فرعون في أمر موسى والقصاص منه. وعندما سمع ذلك ارتعب وقرر الهرب لأن الخبر ذاع ووصل لفرعون. فغادر موسى البلد واتجه إلى جهة بلاد الشام تلقاء مدين. وسار بلا ماء ولا زاد، وكان يقتات بورق الأشجار، حتى وصل إلى مدين. وفي مدين وجد سلالة من الأسرة الإِبراهيمية منحدرة من مدين "مديان" بن إبراهيم - أحد أعمام بني إسرائيل -، ولعله قصدها عامداً لعلمه بصلة القربى مع أهلها.

كيف يقتل المعصوم نفسا بريئة :-
فإن موسى عليه السلام لم يقصد قتل الرجل ولكن وكزته التي قصد بها دفعه قضت عليه، فكان ذلك من شبه العمد، فإن حقيقة قتل العمد أن يقصد القتل بما يقتل غالباً، وحقيقة شبه العمد أن يقصد جناية بما لا يقتل غالباً، فالتفريق بينهم يتوقف على أمرين:
1- القصد قال تعالى " وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب : 5]"
2- نوع الآلة المستخدمة في القتل
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا.. " فالوكزة من أصلها لم تكن مشروعة في حقه لأنها كانت حال كف عن القتال.

 والثابت من القران أن موسى عليه السلام وكز القبطي وهو لا يريد قتله، إنما قصد دفعه فكانت فيه نفسه، فقال (هذا من عمل الشيطان )(إنه عدو مضل مبين) خبر بعد خبر. (قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له)، ندم موسى عليه السلام على ذلك الوكز الذي كان فيه ذهاب النفس، فحمله ندمه على الخضوع لربه والاستغفار من ذنبه، وقد قيل: إن هذا كان قبل النبوة كان موسى إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة، وكان قتله مع ذلك خطأ

،قال الله عز وجل: وقتلت نفساً فنجيناك من الغم وفتناك فتونا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق